التعليل بين علمي الكلام وأصول الفقه : دراسة في تطور مفهوم التعليل عند المقاصديين الجدد

Abstract

ترتكز هذه الرسالة على دراسة تطور مفهوم التعليل في فكر المقاصديين الجدد، من خلال تحليل آراء ثلاثة من أبرز المفكرين في هذا المجال طه جابر العلواني وجاسر عودة، وخالد أبو الفضل. وتهدف هذه الدراسة إلى بيان كيفية تغير مفهومهم للتعليل مقارنة بالنقاشات التي دارت بين المتقدمين من علماء الكلام وعلماء أصول الفقه حول جواز نسبة العلة أو الغرض إلى أفعال الله تعالى وأحكامه. تنطلق هذه الدراسة من ملاحظة أن المقاصديين الجدد يستندون إلى المقاصد والمصلحة غير المنضبطة كعلة يعتمدون عليها في بناء الأحكام الشرعية أو توسيعها. وهذا الاتجاه يختلف بوضوح عن منهج المتقدمين الذين كانوا يجيزون التعليل بالحكمة المنضبطة، مع عدم لزوم معرفة جميع الحكم من الأحكام. تعتمد هذه الدراسة على مقاربة الدراسات البينية حيث تحاول فهم فكرة التعليل عند المقاصديين الجدد من منظور علم الكلام وعلم أصول الفقه. وقد اعتمدت الدراسة على منهج تحليل المحتوى لفهم مؤلفات علماء تلك العلوم الثلاثة، وذلك بهدف الكشف عن الفوارق العميقة في الخلفية المعرفية التي يقوم عليها كل رأي. وتوصلت الدراسة إلى أن التغيير في مفهوم التعليل عند المقاصديين الجدد ليس مجرد توسع في المنهجية أو انتقال من التعليل بالحكمة المنضبطة إلى التعليل بالمقاصد، بل يمثل تحولا جوهريًا في البناء المعرفي؛ حيث انتقلت المركزية من الله تعال إلى الإنسان وبناء على ذلك، خلصت الدراسة إلى أن التعليل في فكر المقاصديين الجدد لا يعد امتدادا مباشرا للتعليل بالحكمة عند المتقدمين بل يمثل انقطاعا منهجيا وتحولا معرفيا عميقا يجعل الخلاف بينهما خلافا جوهريا، لا مجرد خلاف لفظي كما وقع بين التعليل في علم أصول الفقه وبين التعليل في علم الكلام.