العقلانية في فهم أحاديث الأحكام عند يوسف القرضاوي : دراسة فتاواه من كتاب هدي الإسلام فتاوى معاصرة

Abstract

تتناول هذه الدراسة مسألة العقلانية في فهم أحاديث الأحكام عند يوسف القرضاوي. وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل فهم أحاديث الأحكام عنده في فتاواه، وتركز الدراسة بشكل أساسي على كيفية تطبيق القرضاوي للمنهج العقلاني في فهم أحاديث الأحكام، وكيف يؤثر ذلك على آرائه الفقهية التي يعبر عنها في شكل فتاوى، وفي أي مجال عقلانية فهم الأحاديث في فتواه. ومنهج هذا البحث منهج استقرائي المجموعة منتقاة من الأحاديث التي كثر الجدل في كتاب "من هدي الإسلام. فتاوى معاصرة" ليوسف القرضاوي، ثم بتحليل هذه الفتاوى من أجل محاولة التنظير لمنهجية واضحة في التعامل مع النصوص الحديثية عند الشيخ القرضاوي، ثم مقارنة هذه الفتاوى بفهم العلماء الآخرين للأحاديث في نفس القضايا. والنتائج من هذا البحث أن منهج يوسف القرضاوي في فهم أحاديث الأحكام يتسم بالعقلانية، وهو يستعمل العقل في فهم النصوص الحديثية وتنزيلها على الواقع، ودون إنكار السلطة النصوص، وبطريقة متوازنة تجمع بين النقل الصحيح والعقل الصريح دون إفراط ولا تفريط. ومن العوامل التي أثرت على هذه الفكرة تكوينه العلمي، واستفاده برواد الإصلاح والتجديد، بالإضافة إلى معايشته للواقع الاجتماعي والسياسي المتغير. ومن منهج العقلانية الذي استخدمه يوسف القرضاوي في فهم أحاديث الأحكام في فتواه اعتماده التأويل اللغوي حيث فسر بعض الألفاظ وفق دلالتها اللغوية؛ ثم التأويل السياقي الذي يتجلى في النظر إلى أبعاد الزمان والمكان والواقع الاجتماعي؛ كما اعتمد على فهم الحديث في ضوء القرآن الكريم، حيث فسر الأحاديث بما ينسجم مع روح النص القرآني ومقاصده؛ ولم يغفل يوسف القرضاوي جانب التثبت من صحة الحديث من حيث السند والمتن؛ كما مارس النقد من حيث الحقائق العلمية أو التاريخية؛ ومن أبرز ملامح منهجه أيضا، تمييزه بين الأهداف الثابتة والوسائل المتغيرة؛ وربط النصوص بعضها ببعض في الموضوع الواحد لتحقيق فهم شمولي؛ وكذلك وصل النصوص الجزئية بالمقاصد الكلية، ليُخرج الحكم الشرعي ضمن إطار متكامل يخدم مقاصد الإسلام؛ وأخيرا، كان يراعي تحقيق المصلحة العامة في إصدار الحكم. وبهذا يتبين أن منهجه في فهم الحديث قائم على التوازن بين النص والعقل، وبين الثوابت والمتغيرات، في ضوء مقاصد الشريعة ومتطلبات العصر. وتشمل مجالات موضوع العقلانية في فهم أحاديث الأحكام في فتاواه في مجال العقيدة، والعبادة وشئون المرأة، وفقه الأقليات ومجال الطب والصحة وغير ذلك.