التيار الإصلاحي في إندونيسيا : تأثير أفكار رشيد رضا على تفسير الرحمة لعمر بكري

Abstract

تتناول هذه الرسالة دراسة تحليلية مقارنة لأثر تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا على تفسير الرحمة للعالم الإندونيسي عمر بكري، وذلك من خلال الكشف عن أوجه التأثر المنهجي والفكري بين التفسيرين، وتتبع مسار انتقال الفكر الإصلاحي من العالم العربي إلى البيئة التفسيرية في إندونيسيا، ولاسيما في منطقة مينا نغكاباو . اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي والمقارن، عبر تحليل النصوص التفسيرية، ومقارنة الأساليب والمضامين واستقراء السياق التاريخي والتعليمي والدعوي لعمر بكري. وأظهرت النتائج أن تفسير الرحمة يمثل امتدادًا لتفسير المنار في كثير من جوانبه، حيث تأثر عمر بكري بمنهج رشيد رضا القائم على الجمع بين العقل والنقل، وربط النص القرآني بقضايا المجتمع، وتبسيط اللغة والمصطلحات، وتجنب الإسرائيليات، ورفض التعصب المذهبي مع التركيز على التربية القرآنية ومحاربة البدع والخرافات. ويرجع هذا التأثر إلى عدة عوامل أبرزها تشابه الاهتمام بأوضاع المسلمين تحت الاستعمار، ونشأة عمر بكري في بيئة تعليمية إصلاحية في مدرسة الطوالب ببادانغ واعتماده على تفسير "المنار" كمصدر دراسي، وتوفر الكتب والمجلات الإصلاحية من الشرق الأوسط، وازدهار الحركة الإصلاحية في سومطرة الغربية. ولا يقتصر هذا التأثر على المنهج فحسب، بل يمتد إلى المضامين التفسيرية، حيث يتجلى في تفسير الرحمة تبن لرؤية إصلاحية شاملة من خلال الدعوة إلى إتقان العلوم والتكنولوجيا واعتبار العلم وسيلة للنهضة، وبيان أسباب عداوة أهل الكتاب وتربية الأجيال على العقيدة الصحيحة، وتصحيحالممارسات الخاطئة كطلب الشفاعة من الأولياء والتبرك بالأشياء، والتأكيد على وحدة الصف، ووسطية الإسلام والتحذير من الجبن، وربط التقوى بالجهاد. وتظهر هذه الدراسة أن عمر بكري لم يكن مجرد ناقل لأفكار المنار، بل أعاد إنتاجها في سياق إندونيسيا، مما جعل تفسير الرحمة نموذجا أصيلا للتفسير الإصلاحي في إندونيسيا، ودليلا على عمق التواصل الفكري بين علماء الأمة الإسلامية رغم التباعد الجغرافي.